لماذا أكتب؟ ما الفائدة؟ مَن سيقرأ؟

عندما أكون في السيارة، أو جالس مع مجموعة، أو أتمشى لمقصدٍ ما، وظروف ومواقف أخرى، أرى نفسي متشجعاً ومتلهفاً كل اللهفة لأن أكتب. وما إن أصل وأستقر حتى أتردد سائلاً نفسي "لماذا أكتب؟، وما الفائدة؟ ومن سيقرأ؟.


في معرض الكتاب الأخير، حينما كنت أتصفح بعض الكتب وأسأل عن أسعارها. انتبهت أنه قد تجد مصنفاً مجموعاً لأحد الناشرين يفوق سعر كتاب بحثي لباحث قد يكون استغرق سنواتٍ أو عقوداً لإنجاز هذا البحث.

إذن، قد يكون السؤالان -الأول والثاني- واقعيين في بعض ظروف كثيرة. فليس أي جهد كتابي أو تدويني ينفع. حتى الآداب -برأيي- تخضع لهذا المعيار. فالأديب الذي ينظم شعره أو يكتب نثره أو قصصه بناءً على إيقاع كلماته وتناسق مشاعره الظاهرة أقل نفعاً وتأثيراً ممن درس البشر والبشرية والطبيعة ظاهراً وباطناً سكوناً وحركة.

بالطبع ليس كل مصنّف معدوم الجهد. بل هنالك مصنفات اختصر وقلص المصنَّف أو الناشر بها على القراء عناء سنوات. وليس كل بحث ذا فائدة، إذا بُني على نتيجة سابقة للبحث، وفق مفاهيم وعقائد خاصة.

وفي هذا الزمان، زمان الاختراعات السريعة والإنترنت، أصبحت معضلة اختيار موضوع الكتابة أكثر صعوبة ودقة. فعوضاً عن أن يكتب كاتب ما عن زيارة بلد أوروبي ويطبعه كدليل سياحي للعرب، يستطيع الراغب بالسفر أن يبحث عن جل ما يريد في صفحات الإنترنت، مستغنياً عن سرد صاحب الكتاب الوصفي الذي لا نفع منه -عادة- إلا حشو الكتاب وزيادة عدد صفحاته.

ولم نعد بحاجة لطباعة كثير من المراجع التاريخية والأدبية والدينية، لوجود معظمها على الإنترنت، أو وجودها على أقراص مدمجة، توفيراً لوقت البحث، وتوفيراً للمال. فمَن كان يرغب بشراء تفسير الميزان حباً في أن يتصفحه يستطيع أن يفعل ذلك -بكبسة زر كما يقال-. ومَن كان يرغب بأن يطلع على روايات أو شعر أديب ما فقط من باب الوجاهة -والبرستيج الوضعي- يستطيع أن يقتبس بيتاً ما من هذا الموقع، وكلمة ما من ذاك الموقع، دون الحاجة لعناء البحث وصرف كل هذه الأموال لمجرد سطور بسيطة!.

0 تعليقات: